محمد عبد العال يكتب عن .. القرار المتوقع للبنك المركزي المصري بشأن الفائدة غدا
كلنا نعلم أن معدل التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية قد تراجع نحو واحد في المائة ، مسجلا 25% لشهر نوفمبر 2024 ، مقابل 26.3% لشهر أكتوبر 2024.
وتشير التوقعات إلى استقرار التضخم عند مستوياته الحالية حتى نهاية عام 2024 ، وإن كانت تحيط به بعض المخاطر الصعودية بسبب استمرار التوترات الجيوسياسية ، وبوادر عودة السياسات الحمائية، واحتمالية أن يكون لإجراءات ضبط المالية العامة تأثير يتجاوز التوقعات.
ومع ذلك، من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم على نحو ملحوظ بدءا من الربع الأول من عام 2025 مع تحقق التأثير التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس.
ومن ناحية أخرى نجد أن البنك المركزى الأمريكي وبعض البنوك الأوروبية قد أعلنت صراحة بدء التحول من السياسة النقدية التقييدية إلى السياسة النقدية التيسيرية ، أي حولت أهدافها من احتواء التضخم إلى استهداف التوظيف ، وهو ما يعني خفض الفائدة المتدرج اعتباراً من شهر سبتمبر الماضي ، وهو الأمر الذي قد يوحى بأن لجنة السياسة النقدية الموقرة قد تميل في اجتماعها القادم إلى البدء في التحول إلى سياسة نقدية تيسيرية محفزة للنمو الاقتصادي بعد أن اطمأنّت إلى اتجاه معدل التضخم للانحسار التدريجي.
ولكن حقيقة الأمر أنه مازال الأمر ينتابه تباين شديد بين المتابعين حول رؤية لجنة السياسة النقدية في اجتماعها غدا الخميس ، وهي صاحبة قرارها ، ونحن فقط نحاول الاجتهاد للاقتراب من القرار المتوقع.
ورغم ماذكرناه سابقا من انحسار معدل التضخم ، وأيضاً بدء خفض الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية ، إلا أننا علينا التوجس من 4 عوامل مهمة يتعين توقع تداعياتها ، ويمكن أن تكون مؤثرة في قرار اللجنة.
أول تلك العوامل المخاطر الجيوسياسية والجيوجغرافية الجديدة والقديمة والمشتعلة فى منطقة الشرق الأوسط بخصوص الصراع الاسرائيلى الفلسطيني من ناحية ، وإيران وإسرائيل من ناحية أخرى ثم الأوضاع الجديدة فى سوريا ، وفى حال تمددها وتوسع أطرافها فمن المؤكد أن يكون لها تداعيات قد تكون مشابهة أو أخطر من صدمتي كورونا والحرب الروسية الأوكرانية على توقف خطوط الإمداد وبالتالي الأسعار.
ثاني العوامل هي الضغوط القائمة علينا من صندوق النقد الدولي بأهمية الاستمرار في اتباع سياسة نقدية ومالية تقييدية لمواجهة التضخم.
أما العامل الثالث فهو مرتبط بخطة الدولة لترشيد الدعم ، وما يمكن أن يتولد عنه من موجات تضخمية جديدة محتملة.
ورابعاً وأخيراً ، فإن معدلات التضخم المسجلة حتى الآن ، ورغم انخفاضها النسبى ، إلا أنها مازالت بعيدة جداً عن مستهدفاتها الموضوعة 7% زائد أو ناقص 2% .
وفى ضوء الاعتبارات السابقة يمكن القول أن الاتجاه الأغلب ، فى ضوء الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية ، ورغم التوجه في أوروبا وأمريكا للتنازل تدريجياً عن السياسات النقدية المتشددة والتوجه المتدرج لخفض الفائدة ، إلا أننا نتوقع أن تتجه لجنة السياسة النقدية المصرية إلى إبقاء أسعار الفائدة كما هي عليه لدورة أخرى.
محمد عبد العال
خبير مصرفي